الأحد، 19 أكتوبر 2014

همنجواي والحرب والسكوت

همنجواي ..

في سنة 1944 ذهبت أمريكا بحدها وحديدها مع الحلفاء قاصدة شواطئ فرنسا لتنفيذ إنزال "نورماندي" التاريخي
حملت أمريكا قاذفاتها ومقاتلاتها الجوية على حاملات طائراتها , وسفنها وغواصاتها وجنودها .. ومعهم مخرجيها وكتابها وأدبائها لتزويد الاعلام الامريكي بما تريد قوله
من بين أولئك الذاهبين مع المقاتلين الامريكيين كان الأديب والصحفي الكبير "ارنست هيمنجواي" .. ترك الصحفي الأديب خلفه معسكرات الاعتقال التي أسستها بلاده وحشرت فيها كل من له أصول يابانية في صحراء يوتاه داخل سجن كبير بطريقة عنصرية فبيحة تحت مبرر واه اسمه "احتياطات امنية"
مجبرين على العمل بدون أجر حتى الموت في حياة بائسة داخل معتقل دون ذنب .. حياة لا تقل أبدا عما عاشه اليهود في معسكرات النازيين وماعاشه سكان البلطيق وأوكرانيا في معسكرات "الجولاج" السوفيتية ! .. والتي دأب الاعلام الامريكي وقتها على النواح والصراخ على مرتكبيها
لكن الأديب مع رفاقه المخرجين والصحفيين لم يتبرع للامريكيين ذوي الأصول اليابانية بأي كلمة تذكر في تقاريره وكتبه ورواياته , فيما قدم صورة جميلة لكفاح الجنود الامريكيين في الحرب من أجل "الانسانية" كلها !
دخل "هيمنغواي" فرنسا مع الداخلين , وخرج منها مع الخارجين من الضفة الأخرى متجها نحو ألمانيا .. كان هيمنجواي شاهدا على سحق سلاح الجو الامريكي لمدينة درزدن التاريخية الأثرية .. واحتراق سكانها بالفسفور وأنواع القنابل التي أمطرت على الأبرياء .. حيث انتهت حياة مالا يقل عن 40 الف انسان في ليلة واحدة .. فقط لأن الطيارين الذين اقلعو من سفن "الحرية" كما سموها أرادوا ان يرعبوا الألمان .. وكان شاهدا على كلمة "آيزنهاور" لبعض قادة الحلفاء والتي سربت واشتهرت بعد ذلك

"سنقصفهم .. على الشعب الألماني أن يذوق بعضا مما عاناه العالم بسبب بلادهم"

استمر الحلفاء في التقدم وسحق النازيين .. وكان همنجواي مرة اخرى شاهدا على الانتقام من برلين .. حيث أمطرت المدينة بكل ما تم اختراعه من أسلحة مخلفين 800 الف مدني قتيل والذي استمر حتى اخر يوم من الحرب في المانيا .. رغم ان الحلفاء كانوا متأكدين من أن ما تبقى من قوات "الفرماخت" ستستسلم بدون حاجة لأي قصف وأنها اصلا قد اقتنعت بالهزيمة وأن مشاتهم سيبلغون عتبات "الرايخ ستاج" خلال أيام

أثناء ذلك كان عالم الفيزياء الشهير ألبرت آينشتاين يكتب رسالة بخط يده ويمررها الى روزفلت محذرا إياه من التقدم الذي وصل اليه الفيزيائي النازي "هاهن" في مجال السلاح النووي والذي كان سرق نصف بحثه من النمساوية "ليزا مايتنر" .. وحث اينشتاين الامريكيين على السعي للتقدم في المجال النووي !!

استمر همنجواي في ارسال التقارير الصحفية التي توضح سير المعارك وتقدم الجنود الامريكيين .. واستمر في كتابة مذكراته ..
وكان شاهدا على استعباد الأسرى الألمان في حقول كاليفورنيا .. وكان شاهدا على كل فضائع الحلفاء في الحرب , وكان شاهدا كما كان العالم كله شاهدا على فناء 100 الف من البشر في ثوان قليلة بعد أن قامت بلاده بقصف اليابان بقنبلتين ذريتين استسلمت على اثرها اليابان خلال ساعات وانتهت الحرب العالمية الثانية على وقع هذه المجازر التي ارتكبها الحلقاء والتي لا تقل شيئا عن جرائم النازيين !

على كل حال حاكمت امريكا النازيين على معتقلات "اليهود" وغضت الطرف عن معتقلات صديقها "ستالين" كما انها لم تفكر في تذكر ما فعلته بالامريكيين من اصول يابانية في معسكراتها في "يوتاه"

وكان همنجواي شاهدا على كل ذلك .. ولكنه لم يتبرع بأي عمل أدبي لأولئك الضحايا الذين رآهم بأم عينيه !
انتهت الامور .. وحصل همنجواي على نوبل للأدب , وعاد وهو لا يعتقد انه أو بلاده أخطأو او اجرموا بما فيه الكفاية ليثير ذلك قلمه ! فـ"المنتصر يخرج صفر اليدين" كما عنون لأحد أعماله التي لم تتطرق مطلقا للحرب وفضائعها

واصل الكتابة عن صيادي الاسماك ومغامراته القديمة في الحرب الاهلية الاسبانية ضد قوات فرانكو .. وتجاهل ما فعله زملاؤه في الحرب العالمية الثانية !

هكذا قد تسقط الضمائر في الحروب .. حتى لأولئك الأدباء العظام الذين يناط بهم اصلاح البشرية

قد يخسر البعض انسانيته في لحظات هو أحوج إليها من أي وقت آخر !

أشارت تقارير مؤخرا ان همنجواي كان يتلقى راتبا من مخابرات بلاده !

الجمعة، 15 أغسطس 2014

لكن الجهل يبقي دائما مهزلة .. قصة واقعية بقلم النيهوم


في جلسات كنت احضرها زمن الصبا بين جارنا الحاج سعيد "المهتم جدا بالتاريخ الليبي" ووالدي -رحمه الله- "المهتم بالادارة والسياسة" حكى الطرفان هذه القصة قديما , لكن ليس بالتفاصيل الكاملة , واستمعت لها كأي ليبي يسمع من والده وكبار السن بعض قصص التاريخ غير المعلن كثيرا والمسكوت عنه
ثم مرت السنوات ونسيتها ولم أهتم بالبحث عنها , لكن قبل فترة وأنا اقرأ احد كتب النيهوم وجدت القصة كاملة وببعض التفصيل وان كان ينقصها بعض الأرقام..
وقبل يومين كنت في حديث جانبي مع الصديق "أحمد" عن الاوضاع والحرب والمصالحة والمسلحين واستغلالهم .. فذكرت له هذه القصة , ثم آثرت أن اكتبها في مقالة وفعلت , لكن قبل أن انشر وجدت ان ما كتبته لا يضيف شيئا جديدا وان من الأمانة البحث عن المقال الأصلي الذي لا اذكر أين قرأته تحديدا ومتى , لأنشره كما هو لصاحبه
وبعد بحث في الكتب وفي الاجهزة الالكترونية وجدت المقالة وصورتها بالهاتف وها أنا انشرها واعتقد أنها مهمة لكل ليبي في هذه الفترة 

الحبشة وليبيا والقتلى .. بقلم الصادق النيهوم










الجمعة، 12 يوليو 2013

لم تنجزها الحكومات .."1"


روبرت كان شخصا عاديا .. كون عائلة عادية .. انجب تسعة اطفال .. فقط أحدهم لم يكن عاديا أبدا ..
 وكان اسمه "جون"

 دخل "جون" اجواء الكنائس والكاتدرائيات .. فصار قسيسا عاديا .. وهاجر إلى تلك البقاع الجديدة في امريكا .. او ماكان سيصبح لاحقا .. الولايات المتحدة الامريكية بذاتها !

 القس .. لم يكن مجرد رجل دين .. كما هو حال كثيرين عندنا رغم ان ديننا لا يعترف بمسمى "رجال دين" .. لكن تم فرض المصطلح وواقعه بشكل أو بآخر

 لم يكن يوجد دولة قوية هناك .. ولم يكن يوجد حكومة بالمعنى التقليدي لدولة بذلك الحجم .. وإن وجدت لم يكن لـ"جون" أن يهتم !

 هناك في احدى مناطق "ماساتشوتس" بأمريكا .. بادر القس الذي عرف معنى النهوض والقوة الحقيقية لأمته الجديدة.. في ذلك الزمن الغابر .. فقام بجمع بعض المراجع العلمية التي اقتناها في شتى العلوم .. ووضعها في مبنى صغير كان قد حلم أن يكون جامعة كبيرة .. وتبرع فيه بمبلغ مالي زهيد .. لم يكن ليشتري جهاز حاسوب واحد في زماننا هذا

 .. المهم أن فكرته بدأت تنجح .. والطلبة وعشاق العلوم في تلك المنطقة بدأو يأتون إلى نواة جامعته تلك .. المكتبة الصغيرة .. وآمنوا بحلمه أيضا !
الكتب بدأ عددها يزيد بالتبرعات .. وبدأت المحاضرات والندوات تقام في تلك المكتبة الصغيرة .. في المبنى المتواضع .. لكن كان ظاهرا للعيان انها تكبر باستمرار 

 وعندما أدركه الموت في ذلك العام 1638 م .. لم يكن الأمر بتلك الأهمية بالنسبة له على الأقل .. فحلمه قد انطلق فعلا .. وجامعته ستنطلق بعده !! وستحمل اسمه إلى الأبد ..وستصبح اكبر وأهم جامعة فيما سيصبح لاحقا .. الولايات المتحدة الأمريكية .. وستصبح اهم جامعة في هذا الكون

 إنه القس ..جون هارفرد .. والذي تحمل جامعة "هارفرد" اسمه إلى اليوم !



 جامعة القس هذه لم تساهم فيها الحكومة يوما .. ولا تزال خاصة إلى يومنا هذا !
جامعة هارفرد هذه لم تبنها الدولة ولم تحلم بها الحكومة .. انها حلم رجل دين !
 إن عدد الحاصلين على جائزة نوبل من المسلمين الذين يشكلون ربع هذا العالم .. هم عشرة فقط .. ستة منها في السلاااااام

بينما عدد الحاصلين على جائزة نوبل ممن تخرجوا من هارفرد وحدها .. ثمانون فائزا !! .. ان مجرد المقارنة يعتبر "طياح قدر" دون الدخول في التفاصيل
 جامعة القس هارفرد رغم انها ليست حكومية .. الا انها خرجت بعض اعظم رؤساء امريكا .. باراك اوباما وجورج بوش وفرانكلين روزفلت وجون كينيدي وآخرون
جامعة القس هذه بدأت ببعض الكتب القليلة .. بينما تعد اليوم واحدا من اضخم الاماكن التي تحتوي كتبا .. حيث يوجد بها اكثر من 12 مليون كتاب
مر من هناك عظماء امريكا والعالم .. ليس آخرهم سوى مارك زوكربرغ الذي اتاح لنا هذه المساحة لنتحدث فيها

 كل هذا كان حلم رجل دين يعرف جيدا كيف يمكن ان تنهض امته .. وكيف يفيد العالم ! إنه حلم أناس لم ينتظروا "الحكومة يوما" وهم جالسون

 رسالة مفتوحة الى الجميع !! نهوض الأمم والشعوب ليس بـ"الدوة" فقط وانتظار "الحكومة"